تُسرّه الأم إلى ابنتها مما
عندما تكملين التاسعة عشر يوماً ما سيكون بين أصابعكِ لوح شوكولا تتلذذين بتذوقِ بقاياه من أطرافِ أصابعكِ التي لن تفلحي أبداً في إعطاء أظافرها مظهراً أنثوياً كفتيات المجلات , ستدركين لحظتها أنّكِ لم تتخلصي من كثير من العادات الطفولية التي تعدين نفسكِ كل عام بإلغائها من أتيكيتـ"ـك" اليومي , ستكتشفين أن أظافركِ ما زالت هشّة الكسر , و أن طلاء الأظافر الوحيد الذي تملكينه لن يصبغَ سوى خدوش علبة اكسسواراتك ! ببساطة ستداهمكِ فكرة أنكِ لم تكبري كثيراً هذا العام , أو هذا على الأقل ما أدركته أنا الآن .
لا أعرف ما إذا كان سيبدو ما سأقولهُ لكِ سخيفاً جداً بعد سنوات عديدة , فحاجتي للثرثرة معكِ تطغى على تفكيري بهذا الاحتمال الوارد جداً ..
عندما عدتُ من الجامعةِ غضبى قبل يومين , لأن اختباراً ما سيمنعني من السفر يوم ميلادي , فكرتُ فيكِ كثيراً , كثيراً جداً , وَ وعدتُ سماواتكِ بأنني في كل ميلادٍ لكِ سأكون قربكِ أدلل أفراحكِ الصغيرة , ننفخ معاً بالونات الميلاد , ونصبغ وجوهنا بالجاتوه , ونحرق أصابعنا بالشمع كلما أردنا أن نشعل أعوامكِ الطويلة ..
سأكونُ معكِ , عناقاً , وقبلات , وهدايا كثيرة , و سأدعو لكِ بألاّ يجرحَ لكِ الاغتراب قلباً , وألاّ يخدشَ وجهكِ الآسر بدمعة ..
تعرفين جيداً أنني أحبكِ , وأنني لن أدعكِ وحيدة
عندما تخسرين صديقةً , سأدْعكُ أصابعكِ الهشّة بين كفيّ , وسنبكي معاً خساراتنا .. ثم سنركل وجهَ العتمة ونضحكُ بشدّة فيما رطوبة الدمع لمّا تزل تحرقُ خدّينا الأملسين ..
و عندما يتورط قلبكِ بالحب .. سآخذكِ إليه , سأتظاهر بأنني بائعة فراشاتٍ عابرة عندما أتنصتُ على همسكما المشاغب اللذيذ , سأدعكِ تقرئين وجهه بقلبك , وتملئين مساحاته قُبلات بعذوبتكِ الباذخة , لكن .. ليس أكثر من ذلك .. فأنا في النهايةِ أمٌ بطريقةٍ ما !
سأسهرُ معكِ نعدُّ أصابعَ الانتظار , وسأروي لكِ سيرةَ الأرق في ليلِ الشارقة , حيث تضيقُ بنا الأسرّة ويقتلنا الحنينُ مرات كثيرة ..
سأريكِ أمكنتي , فوضى غرفتي في سكن الطالبات , كتبي الكثيرة , شبه المطبخ الذي شهد الكثير من تجاربي الفاشلة , الفراشات المعلقة أعلى الباب , الشبّاك المطل على حديقةٍ بنخلة وحيدة, العصافير الغريبة النيلية اللون التي تعكّر مزاجي بصوتها الذي يشبه نعيق الغربان , مكتبة الجامعة التي تعطي اشارة مغلق لهواتفنا المحمولة , كلاس "سِر جوزيف " , " آيس كريم وذ ستروبري سوس " من برجر كنج على طاولتي الأثيرة في الكافتيريا ..ذكريات ابتهاجنا بأي رقمٍ غريب يبدأ بفتح خط +966 , شوربة البروكلي اللذيذة من مطعم كوكوز , شاطئ جميرا يوم الإثنين , مكتبة المجرودي .. وَ سأشتري لكِ منها رواية "شيطنات الطفلة الخبيثة " ونقرأها سوياً .
سنغني معاً في حمامنا صباحاً , أنا فيروز وأنتِ من تحبين , وسنرسم برغوةِ الصابون وجوهاً أخرى كثيرة لنا , وسنغرق ونضحك , ثم نغني من جديد .
عندما تُولدين سترين أي أبٍ رائع جداً قد انتقيتُ لكِ ..أعرف أنهُ سيرفعُ فيكِ الفرحَ إلى أقصاه. لن يتركَ في صدركِ خواء الحاجةِ إلى عناق ,ولن يغلق شفاههُ إلا قبلةً على جبينكِ كلَّ لحظة .. سيكون لكِ لون عينيه , وغمّازة في خدكِ الأيمن , كأمكِ تماماً في ميلادها التاسع عشر